تمريض لبنان في "العناية المشددة"

بسبب راتبها الزهيد، اختارت الممرضة ندى البقاء في المنزل والعمل لحسابها الخاص.

ندى التي تمتلك خبرة 14 عاما في التمريض تقول إنها "تعاين مرضى في المنازل وتقدم لهم العناية الطبية هناك، وبناء على أوقات تحددها بنفسها.

تضيف "أعلم أن المبلغ الذي أتقاضاه سيكون صافيا لي، علما أن راتب الـ200 دولار كان يُحسب لـ6 أيام عمل ولأكثر من 10 ساعات يوميا. فهل هذا الأمر محق وعادل؟".

تواصلت بلينكس مع ممرض لبناني سافر إلى بريطانيا حيث يعمل ضمن القطاع التمريضي التابع للقطاع العام هناك.

الممرض الذي تحدث شرط عدم الكشف عن هويته، قال إنّ رواتب العاملين في مهنة التمريض متدنية، وبالكاد كانت تصل إلى 400 دولار في غالبية المستشفيات، بينما هناك مرافق صحية أخرى كانت تمنح رواتب مرتفعة نسبيا لكنها قليلة جدا.

يعتبر الممرض البالغ من العمر 23 عاما أن مستقبل الممرض في لبنان ليس مضمونا، ويقول "لا ضمانات، ولا تحسينات، كما أن الأمور معقدة وتعب الممرض لا يُقدّر"، ويضيف "أما في بريطانيا فالأمور مختلفة. هناك الكثير من الضمانات التي تجعلك مرتاحا بغض النظر عن الرواتب".

من جهتها تتحدث الممرضة اللبنانية ولاء، 33 عاما والتي سافرت إلى السعودية للعمل هناك، عن معاناة مهنتها في لبنان.

تقول ولاء لبلينكس، إنها عملت في المستشفيات لمدة 7 سنوات، وقبل سفرها منتصف العام 2022، كانت تتقاضى 10 ملايين ليرة لبنانية من خلال عملها في مستشفيين. وللإشارة، فإن المبلغ المذكور كان يساوي حينها ما يقارب الـ370 دولارا، حين كان الدولار يساوي الـ27 ألف ليرة خلال أواخر شهر أبريل 2022.

ولاء انتقدت نقابة الممرضين والممرضات في لبنان، واصفة إياها بـ"الغائبة" ولم تقدم شيئا للمنتسبين إليها، توضح: "حين أردت السفر امتنعوا عن منحي بطاقة صادرة عن النقابة قبل أن أدفع كافة الأموال المتوجبة عليّ لصندوق النقابة. إن لم يحصل ذلك، كان من الممكن أن أخسر فرصة العمل في الخارج".

من ناحيتها، قالت نقيبة الممرضين والممرضات، ريما ساسين، لبلينكس إن نقابتها تسعى بشكل مستمر لإنعاش القطاع التمريضي في لبنان قدر الإمكان لأنه يعيش خطرا كبيرا، مشيرة إلى أن العمل متواصل لرفع قيمة رواتب الممرضين والممرضات وجعلها بالدولار الأميركي باعتبار أن المستشفيات باتت تتقاضى أتعابها وفواتيرها بالعملة الصعبة.

ساسين قالت إن الطرح الأبرز الذي قدّم بشأن تحسين الرواتب يقضي باعتماد قيمة المبلغ الممنوح للممرض قبل الأزمة الاقتصادية عام 2019، وقسمته على 2 وبعدها منح النصف الأول من الراتب بالدولار بينما الجزء الآخر بالليرة اللبنانية.

تضيف "على سبيل المثال، إذا كان الممرض يتقاضى ألف دولار على سعر 1500 ليرة قبل أزمة العام 2019، عندها يجب منحه 500 دولار فريش، بينما المبلغ المتبقي بالليرة اللبنانية وفق سعر كان مرتبطا بدولار المصارف".

تلفت ساسين إلى أن النقابة سعت لأن تبدأ المستشفيات بتسديد نصف الرواتب بالدولار كخطوة أولى، ثم الانتقال بعد فترة لأن يصبح 75% من الراتب بالعملة الصعبة وصولا إلى جعله كاملا بالدولار.

النقيبة ساسين قالت أيضا إن نقابة أصحاب المستشفيات اعترضت على هذا الطرح، لكنها ذكرت أن بعض المرافق الصحيّة تبنته وطبقته، وأضافت "المشكلة أنه لا نص قانونيا يلزم أي مستشفى اعتماد هذه الطريقة، الأمر الذي يكرّس عدم العدالة والمساواة بين أبناء المهنة الواحدة".

نقيب أصحاب المستشفيات، سليمان هارون، قال لبلينكس إن لكل مستشفى الحق في أن تعرض الأجر الذي تراه مناسبا، وقال: "كنقابة، لا يحق لنا إلزام المستشفيات بسلّم رواتب وأجور معين للطاقم التمريضي. الأمر الوحيد الذي يمكننا الالتزام به هو القرارات الصادرة عن الدولة اللبنانية ووزارة العمل ومجلس الوزراء".

ويتابع "كل مستشفى تدفع الرواتب بحسب قدراتها، مع التأكيد على أن كل المستشفيات زادت أجور موظفيها، رغم أن الرواتب التي تدفع ليست عادلة بكثير من الجوانب كما أنها لا تواكب التضخم القائم في لبنان".

من جهته، قال رئيس لجنة الصحة النيابية في البرلمان اللبناني بلال عبدالله، في حديث مع بلينكس إن التمريض "مهنة حرة"، كما أنه لا يوجد "سقف لرواتب الممرضين في لبنان"، ويقول "التمريض ليس وظيفة رسمية، ورواتب العاملين في القطاع تتفاوت بين مستشفى وأخرى، فهناك مرافق تمنح الممرض راتبا مرتفعا وأخرى رواتب منخفضة".

يوضح عبدالله أنه لا إمكانية لوضع سلسلة رتب ورواتب لقطاع التمريض، لكنه كشف في الوقت نفسه أن لجنة الصحة النيابية سعت لتقوية صندوق التقاعد للممرضات، في حين أن هناك عمل يرتبط بقانون الآداب الطبية.